السبت، 30 مارس 2013

المؤثرات على شخصية الطفل..الجزء2

تنظيم العمليات العقلية:

 
 

إن تفاعل الإنسان مع أي أمر راجع إلى طريقة تفكيره وتحليله لهذا الأمر الذي يواجهه ، وهذا راجع إلى المعلومات التي اختزنها في عقله وتحولت جزءاً منه فيكون فعله أثراً لهذا الاتحاد ، وكما ذهب الفلاسفة والعلماء إلى أن المعلوم يتحد مع العالم بحيث يصير وجوداً واحداً في مرتبة من المراتب الوجودية. وإذا أردنا أن نتحكم في شخصية أي إنسان فإننا في المقام الأول يجب أن نتحكم في المركز المحرك له الذي من خلاله يصدر الأوامر إلى بقية الجسد ، فيستجيب الجسد لهذه الأوامر ألا وهو العقل. ونحن نحاول أن نبين كيف يمكن أن نتصرف في عقل أي إنسان بحيث نوجهه حيث يجب. وعندما نلاحظ الإنسان فإننا يمكن أن نشاهده بحالتين : >>>



 الحالة الأولى : كون العقل في أول نشوئه.

الحالة الثانية : يكون العقل قد اختزن بعض المعلومات. وهذه الحالة يمكن أن نلاحظها بلحاظين : أن تكون المعلومات التي اختزنها الإنسان معلومات نافعة مفيدة ، أو أن تكون معلومات غير صحيحة.

أما الحديث عن اللحاظ الأول : وهو كون العقل في بداية نشوئه ، هناك نظريات كثيرة تتحدث عن كيفية حصول المعلوم لدى العالم هل هي بنوع الإشراق أم الإضافة  ولكن الحق أن الإنسان أول ما يولد يكون في حالة الجهل المطلق وهو خالي من كل معلوم ، وصفحة ذهنه صافية ، ولذلك قال الله تعالى : « والله أخرجكم من بطون امهاتكم لا تعلمون شيئاً وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون » (1).

أما اللحاظ الثاني : وهو فيما إذا اختزن العقل بعض المعلومات سواء كانت إيجابية أم سلبية فإن التعامل معه يكون أصعب من الصورة الأولى. وذلك لأنه فيها خال من كل شيء كما تقدم فتعليمه أسهل. أما في الصورة الثانية فإن التغير يكون فيها معقداً ، بل قد تتحول تلك المعتقدات والمعلومات إلى جزء منه كما قلنا بأن المعلوم يتحد مع العالم ومع ذلك يصعب بل يستحيل التغير في مثل هذه المرحلة ؛ لأن التغير في هذه المرحلة يحتاج إلى أمرين :
الأمر الأول : إزالة الفكر السابق والمعبر عنه بالرواسب الفكرية ..
الأمر الثاني : إضافة الفكر الجديد أو كما يقال في العلوم الحديثة إعادة تأهيل من جديد.


                                                كيف يعمل العقل؟

    الطريقة التي يعمل بها العقل هي من أعقد العمليات التي يعجز الإنسان أن يدركها بحقيقتها وكمالها ، وذلك لأن الإنسان لم يحط بحقيقة العقل لأنه يعقل به وإن عقل ذاته ، ولكن لا كنهه وحقيقته.

    ولكن يمكن أن نقدم مقدمات تساعد على فهم عملية العقل بشكل مبسط ومختصر. وهي كالتالي :

 النقطة الأولى : العقل هو وجود مجرد يدرك الكليات. أما الدماغ الذي في رأس الإنسان ليس هو العقل ، وإن العمليات التي يرسلها الدماغ من إشارات وعمليات عصبية ما هي إلا ارتباط بينها وبين العقل المجرد. وإلا كيف يمكن لرأس الصغير أن يحوي كل هذه المعلومات والصور التي لا نهاية لها ؟

النقطة الثانية : أن العقل في عملية التعامل مع الأمور الظاهرية يرسل إشارات تشير إلى المقصود وإلى المراد. هذه الإشارات هي العملية العقلية ، فمتى كانت هذه الإشارات صحيحة كانت النتيجة صحيحة.

 النقطة الثالثة : يمكن أن يفسر عمل العقل بربطه بين الأمور الموجودة المختزنة عنده في ساحة لا نهاية ، وهذا الربط يصور صورة أخرى تفيد المستعلم. وبعبارة أخرى نقول : إن الإنسان عندما يطلب أمراً مجهولاً عنه فإنه يستعين بالعقل لكي يرفع حيرته ، والعقل يقوم بربط هذا الشيء المعطى إليه بما يوافقه في تركيبته أو شكله أو ما يلائمه ، وبذلك يرفع الحيرة عند الإنسان عندما تعطى له صورة واضحة.

 النقطة الرابعة : أن الربط الحاصل في العمليات العقلية له أساس وأساسه التكرار المتكرر من إيراد الصورتين متعاقبتين بحيث يتعقلهما العقل معاً من شدة الارتباط الناشئ بينهما من كثرة الاستعمال بحيث يكون وجود أحدهما وجود الآخر عند العقل.


                                                   التأكد من تحويل الفكر                                         

    عندما نريد أن نعرف هل هذا الشخص تغير حقيقة أم هو يسطنع التغير ؟ أو أنه هل هذه الفكرة ركزت في ذهن الطفل الصغير وصارت عنده ثابتة أو لا ؟
يمكننا أن نحقق ذلك من خلال التأكد على أن نتبع أسلوباً استنطاقياً للفكر وذلك بما يلي :


    1 ـ الاستنطاق :

 وهو عبارة عن إدخال الطفل المراد تغيره في نقاش فكري مبسط يناسب فكره بأن نقوده إلى أن يصل إلى النتيجة من خلال أسئلة توجه إليه ومنها تكتشف فكره اتجاه الامر الذي حاولت تغيره. مثل ذلك أننا غيرنا فكره اتجاه شرب المشروبات الغازية التي كان يحبها بعد عملية تأثير على النمط السلوكي بالعملية العقلية الشرطية التي تقدمت ، حتى توصلنا إلى أن المشروبات الغازية ليست جيدة وارتبط فكره بأن المشروب الغازي مشروب كريه مثلاً. نأتي ونسأله ، وبعبارة أخرى نستدرجه بقولنا :
هل تريد أن تشرب مشروبا غازياً ؟
الطفل : لا.
المربي : ولماذا ؟
الطفل : لا أريده إن طعمه كريه.
المربي : ولماذا طعمه كريه ؟
الطفل : لقد جربته ورأيته كذلك إنه ( يع ! ).
المربي : والكبار لماذا يشربونه ؟ أليس جيداً ؟
الطفل : إنه جيد للكبار فقط أما الصغار فلا.
وهكذا يدار النقاش حتى يتأكد من أن الطفل ترسخت الفكرة في ذهنه من خلال زجه في نقاش وحوار فكري بسيط كما قلنا. كما أنه بهذه الطريقة تحرك عقله وترفع كل فكرة ما زالت عالقة في ذهنه وتعمق الفكرة أو الصفة في داخل وجوده بحيث تصير جزءاً منه.

 

    2 ـ الاعتراف :


وهذه النقطة تعتمد على أن الطفل أو الشخص الذي ارتكب خطأ وأريد إصلاحه يجب علينا أن نجعله يعترف بخطئه ، وأنه فعل حماقة ، وهذا الاعتراف يكون وسيلة سهلة ومساعدة في تحقيق تغير العقيدة أو الصفة التي يراد أن يغيرها ، وذلك لأن باعترافه بأنها خطأ فإنه سيحاول إصلاحها وتغيرها ، وهذا يعطي العقل استعداداً وقابلية لأن يتقبل كل شيء جديد له ؛ مضافاً إلى أن اعترافه يسبب له ألماً نفسياً فيكون هذا ألماً رادعاً له عن ارتكابه مرة أخرى ؛ لأنه يشكل ضغطاً عاطفياً وتأثيراً قوياً على نفسيته مما يجعل ذهنه قابلاً للتغير وهو الأسلوب الشرطي الذي ذكرناه من قيام الشخص بسلوك معين نتيجة لمؤثرات خارجية.


    3 ـ خلق له جو المشاركة :


يجب أن يخلق للطفل جو من المشاركة الجماعية التي يعبر فيها عن رأيه من غير ملاحظة كون المربي له مراقب لتصرفاته ، بحيث يتصرف على سجيته وطبيعته ويرى كيف يكون التفاعل مع النمط الجديد الذي تعلمه ، فهل يتصرف ويتفاعل معه سواء وجد المربي أو أنه يلاحظ وجوده عندما يريد أن يفعل هذا الأمر أو ذاك. فإن كان الثاني فإن الصفة لم تستحكم في وجوده بعد ويحتاج إلى مزيد من التعليم والتركيز بخلاف الأول.



 

هناك 24 تعليقًا:

  1. بالتوفيق ان شالله

    ردحذف
  2. جدا روعه .... وموفقين ان شاء الله ....

    ردحذف
  3. لنا الفخر بأن تكون بناتنا وأولادنا من المتفوقات موضوع قمة في الروعة الى الامام

    ردحذف
  4. مقاله تستحق القراءة جميل

    ردحذف
  5. مقاله تستحق القراءة جميل

    ردحذف
  6. مدونة مفيدة جداً ، اتمنى كل مربي ومربية الاطلاع على مثل هذه المقالات المفيدة والهدافة

    أحسنتم وبارك الله فيكم

    ردحذف
  7. مقالة تستحق النشر والتأمل.
    بالتوفيق لكم إن شاء الله

    ردحذف
  8. جميل جدا يعطيك الف عافيه

    ردحذف
  9. الله يعطيك العافيه طرح رائع ومفيد أم دانه

    ردحذف
  10. بارك الله فيك على هذا البحث والموضوع المهم الذي قل من يطرق اليه من الباحثين العرب. اسأل الله ان ينفع بك وبعلمك وان يزيدك علما وهدى.
    عبدالله السليماني

    ردحذف
  11. الله يعطيك العافية موضوع شيق ومفيد

    ردحذف
  12. تحية كبيرة الى الكاتبات المبدعات وفقكم الله

    ردحذف
  13. ماشاء الله معلومات جدا مهمه واسلوب جدا ممتاز

    ردحذف
  14. مدونه ثمينه جدا انصح الجميع بقرائتها

    ردحذف
  15. خطوات تربويه موجهه باسلوب تربوي جميل وسلس اكثر من رائع

    ردحذف
  16. معلومات اثرائيه مهمه لمن يهتم بالمجال التربوي

    ردحذف
  17. مجهود رائع .. وفقك الله لما يحبهيرضأآ

    ردحذف
  18. مجهود رائع يستحق اان نعطيه من وقتنا للاستفاد منه لبناء جيل نفخر به مستقبلا حماتك ام عبدالعزيز موفقه زهور

    ردحذف
  19. مجهود يستحق القراءه بارك الله فيك وموفقه استاذتنا

    ردحذف
  20. جميل جداً

    ردحذف
  21. مزيد من التقدم والابداع بارك الله في جهودكم اخوكم فاضل صالح

    ردحذف
  22. جميل جدا

    ردحذف
  23. القصة تلعب دورا كبيرا في تربية الطفل.
    مشكورة يا ام محمد على هذا المجهود الكبير.
    عبدالله سعيد آل ثنيان

    ردحذف